يقول الله - تعالى -: "يومئذ تحدث أخبارها ".
يخبر تبارك وتعالى أنه في ذلك اليوم العصيب - يوم القيامة - تتحدث الأرض وتخبر بما عُمل عليها من خير أو شر، وتشهد على كل إنسان بما صنع على ظهرها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يومئذ تحدث أخبارها" فقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أخبارها أن تشهد على كل عبدٍ أو أمةٍ بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا، كذا وكذا، فهذه أخبارها. أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وفي الحديث الآخر: تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وأنه ليس من أحدٍ عاملٍ عليها خيراً أو شراً إلا وهي مخبرة به. أخرجه الطبراني في معجمه.
يا له من موقف عظيم ولحظات عصيبة في ذلك اليوم الفضيع الذي تتقطع من شدة أهواله القلوب الأبصار شاخصة والقلوب وجلة والأجساد عارية والشمس دانية من الرؤوس تقول عائشة - رضي الله عنها – يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: يا عائشة الأمر أفضع من أن ينظر بعضهم إلى بعض.
لا إله إلا الله والله أكبر تخيل ذلك المشهد يوم تتحدث فيه الأرض وكيف سيكون المشهد؟ لاشك أنه مشهد مخيف.. سبحان الله.. يوم تأتي ساحات الجهاد تشهد للمجاهدين بذل أرواحهم في سبيل الله ويوم تأتي المساجد تشهد لروادها من المؤمنين ركوعهم وسجودهم ويوم تأتي منى وعرفات تشهد للحجاج وقوفهم على عرصاتها ودعاءهم وبكاءهم وتضرعهم.... ولا إله إلا الله.. يوم تأتي المراقص ونوادي الليل تشهد على روادها ما صنعوا على ظهرها من خنا وفجور وسكر وعربدة ويوم تأتي الشواطيء تشهد بما جرى على ظهرها من عري وسفور وزنا وخمور.
يومها ينكشف الستار وتزول الحجب يوم الفضائح... يومها كيف يكون حال ذلك المسكين الذي كان يجوب الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، يرتكب في كل بقعة معصية ويقارف في كل زاوية فاحشة وكأن الله هناك غير مطلع عليه وأن الأرض هناك ليست أرض الله؟
عبد الله يا من فرطت في صلاة الجماعة وتكاسلت عن الذهاب إلى بيوت الله تذكر ذلك اليوم.. تذكر: يوم تحدث أخبارها ماذا ستخبر عنك؟ ماذا ستشهد به لك أو عليك؟
ماذا تتمنى وقتها أخي الكريم حينما ترى المساجد تشهد لأصحابها وتشفع لهم أمام رب العالمين يا رب شفعني فيه لقد كان قلبه معلق بي، لقد كان من روادي ليل نهار، يا رب طالما سجد فيّ وركع وقام وقعد وقرأ القرآن، ما تزال تحاج عنه حتى تشفع فيه ويدخل الجنة. هل تتمنى وقتها أنك كنت من روادها في حياتك الدنيا؟ إذن اغتنم ما بقي من عمرك من أيام وقدم لآخرتك ما يسرك ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قبل أن تندم وتدرك كم كنت مفرطاً، وتتمنى لو تعود إلى الحياة الدنيا من جديد ولكن هيهات هيهات، يومئذ لا يفيد الندم ولا ينفع الإنسان إلا ما قدم. فالبدار البدار مادمت في زمن المهلة قبل أن تصبح مرتهن بعملك تحت أطباق الثرى تنتظر الساعة والساعة أدهى وأمر.. أخيًه.. أن الأمر جد لاهزل فيه، وصدق لا مراء فيه، فقم مقام الجد ودع عنك الأماني الخادعة وبادر بالأعمال الصالحة واحذر من التسويف فإن سوف من جند إبليس.